إدراج مفاهيم الكرامة الإنسانية في الطلبات والدفوع القانونية
عقد السبت 26 نيسان لقاء مشترك بين نقابة المحامين الفلسطينيين ومعهد الحقوق في جامعة بيرزيت، ضمّ عدداً من كبار المحامين ذوي الخبرة والمراس وأعضاء من الهيئة الإدارية للنقابة واللجان الفرعية وممثلين عن معهد الحقوق - مبادرة كرامة.
افتتح اللقاء نقيب المحامين الفلسطينيين الأستاذ علي مهنا الذي أشار إلى أهمية ترسيخ مفاهيم الكرامة الإنسانية في منظومة العدالة الفلسطينية أسوة بالمجتمعات المتطورة، وأكد أن ذلك لا يتم بدايةً بدون حفظ كرامة القاضي والمحامي والمواطن.
بدوره استعرض مدير معهد الحقوق بجامعة بيرزيت الدكتور غسان فرمند الدور التاريخي لنقابة المحامين والأهمية التي تضطلع بها نخبة القانونيين الفلسطينيين في إرساء قواعد ومفاهيم العدالة والحقوق الإنسانية.
بدوره استعرض مدير معهد الحقوق بجامعة بيرزيت الدكتور غسان فرمند الدور التاريخي لنقابة المحامين والأهمية التي تضطلع بها نخبة القانونيين الفلسطينيين في إرساء قواعد ومفاهيم العدالة والحقوق الإنسانية.
وقدم الدكتور مضر قسيس عرضاً لمفهوم الكرامة الإنسانية مبيناً انه مفهوم تطبيقي أكثر من كونه فلسفي، مستعرضاً التطور التاريخي للمفهوم من الصين القديمة مروراً بالفترة الإسلامية والفكر اللاهوتي المسيحي خلال القرون الوسطى. وأوضح كيف انتقل المفهوم ليأخذ بعداً إنسانيا عالمياً على اعتبار أن الكرامة الإنسانية غاية وقيمة لا تقدر بثمن تتضمنها المواثيق الدولية الحديثة وبعض الدساتير المتطورة. وأشار إلى أن الكرامة الإنسانية استخدمت في الدستور الألماني لإزالة آثار المرحلة النازية، وفي جنوب أفريقيا أيضا لمعالجة مرحلة التمييز العنصري، الأمر الذي يفتح المجال أمامنا لاستخدام هذه المفاهيم كأداة للإصلاح والتغيير على المستوى القريب، وللتخلص من تبعات وآثار الاحتلال الكولونيالي الاستيطاني مستقبلاً.
من جهته قدم الدكتور مصطفى مرعي عرضاً لتطبيقات مقارنة لمفهوم الكرامة الإنسانية على المستوى الوطني والإقليمي والعالمي، مبيناً أن القضاة هم أهم جهة يمكن أن تعطي مفاهيم الكرامة الإنسانية الزخم القانوني "الأسنان" وتنقل المفهوم من النصوص والاجتهادات إلى التطبيق. وأوضح أهمية الكرامة كمجمع ورابط أساسي لمفاهيم حقوق الإنسان في الدول الغربية، بحيث يعتبر الإخلال بها انتهاكا للحقوق الإنسانية. وأشار أيضا إلى وجود نصوص واضحة في دساتير بعض الدول مثل ليبيا وجنوب أفريقيا وألمانيا، والتي تنص صراحة على أن قرارات المحاكم يجب أن تهدف إلى حماية الكرامة الإنسانية، حتى أن الكرامة تعتبر في بعض هذه الدول موازية أو حتى تعلو عن حق الحياة، الأمر الذي يحرم توقيف العمل بها حتى في حالات الطوارئ.
وأشار مرعي إلى انه وبالرغم من عدم وجود نصوص صريحة في دول مثل كندا وفرنسا وبريطانيا، إلا أن القضاة في هذا الدول يستخدمون كرامة الإنسان كمعيار أساسي خلال اجتهاداتهم في تفسير النصوص.
وتحدث المحامي الأستاذ روك روك عن كرامة المواطن منوهاً إلى أن الكرامة الإنسانية موجودة منذ بدء الخليقة، إلا أنّ الاهتمام الحالي بها يأتي بسبب انتهاكها. وأوضح أن الإنسان لا يمكن أن يكون إنساناً بدون كرامة، ذلك أنها فوق كل الأثمان. كما وأوضح روك الدور الذي يلعبه الاحتلال في انتهاك كرامة المواطن الفلسطيني. وأشار إلى أنّه بالرغم من عدم نصّ القوانين الفلسطينية صراحةً على الكرامة الإنسانية، إلا أنها تتضمّن نصوصاً وإشارات كثيرة تؤكد على أهمية احترام المواطنين وحقوقهم.
من جهته قدم المحامي الأستاذ فهد الشويكي عرضاً حول كرامة القاضي موضحاً أن لا كرامة للمواطنين دون ترسيخ كرامة القاضي واحترامه نفسه، وحمايته من أي تدخلات، وتوفير الحياة الكريمة له، ذلك أنّ كرامة المجتمع من كرامة القاضي. وأشار الشويكي إلى أهمية إشاعة ثقافة احترام القاضي وعدم التعرض له بأي شكل من الأشكال ومن أي جهة كانت.
وبين المحامي الأستاذ صالح أبو عيدة في ورقته حول كرامة المحامي الواجبات الإضافية الملقاة على المحامين كجزء من منظومة إحقاق العدالة والكرامة للمواطنين، حيث حظرت عليهم الاشتغال بالوظائف العامة والخاصة، كما حظرت عليهم ممارسة أيّ مهنة تنتهك استقلال المحامي وكرامته. كما أشار الشويكي إلى مجموعة من النصوص التي تحظر التعرض للمحامي بالتوقيف أو التفتيش إلا وفقاً لضوابط معينة.
وأوضح أبو عيدة أن سلوك المحامي في الممارسة العملية يجسد الكرامة الإنسانية من خلال احترامه للمحكمة وللقضاة ولمظهره الخارجي ومضمونه الداخلي. وطالب أن يبدأ المحامي بتأصيل الكرامة في عائلته وحزبه، وأن يشرع بالتصدي لانتهاكات الكرامة، وان يناوئ الظلم والقهر بكافه أشكاله، وأن يعلو صوته بالتأسيس لقضاء عادل ومحايد، وأن يتعمق أكثر في المجالات والقوانين القضائية الحديثة.
وتحدث المحامي الأستاذ أحمد الدمنهوري عن الكرامة الإنسانية في القوانين الجزائية واستعرض عدداً من النصوص القانونية التي تؤكد على كرامة المواطنين ومساواتهم وصون حقوقهم وحرياتهم الأساسية، وعدم تعريض المواطنين للتعذيب أو للحط من إنسانيتهم. وأشار أيضا إلى حالات وأمثلة عينية يتم فيها تعريض كرامة المواطنين المتهمين للانتهاك خلال إجراءات التقاضي مطالباً بضرورة معالجتها.
وفي مداخلته حول التقاضي المدني طالب المحامي الأستاذ زياد جاسر بضرورة إدراج نصوص صريحة في القوانين الفلسطينية حول الكرامة الإنسانية. وأوضح أن الكرامة هي شعور ينبع من داخل الفرد وينم عن آدميته وعن شعوره بالاستقرار وبالأمن الاجتماعي. وأكد على ضرورة تظافر جهود القضاة والمحامين لترسيخ مفاهيم الكرامة الإنسانية.
كما دار نقاش هام حول الآليات الواجب اتخاذها من قبل المحامين لتعزيز وترسيخ مفهوم الكرامة الإنسانية، مؤكدين أن ذلك يقع على عاتق مجموعة متظافرة من المؤسسات العاملة في منظومة العدالة كنقابة المحامين ومجلس القضاء الأعلى والمؤسسات الأهلية والتشريعية.
وتم التأكيد على أهمية تعزيز كرامة القاضي والمحامي كسبيل لتحقيق كرامة المواطن من خلال إعداد وتدريب وتأهيل القضاة والمحامين لإكسابهم خبرة في هذا المجال.
يأتي هذا النشاط تتويجاً لسلسلة من اللقاءات التحضيرية المشتركة بين نقابة المحامين ومعهد الحقوق في جامعة بيرزيت بغرض بدء جولة من النشاطات في محافظات الوطن وتستهدف أعضاء النقابة من متدربين وممارسين بهدف إثارة نقاش حول مفهوم الكرامة الإنسانية وتطبيقاته في الحالة الفلسطينية خصوصا من خلال رسالة المحاماة.
يشار إلى أن مبادرة استقلال القضاء والكرامة الإنسانية (كرامة) مشروع ينفذه معهد الحقوق في جامعة بيرزيت بالشراكة مع كلية الحقوق في جامعة ويندسور بكندا، ويحظى بدعم من وكالة التنمية الكندية "سيدا".